أخبار وطنية «مــافــيــا» الأسلحة تهدّد تونس بحرب مـفـتـوحــة

تمكّنت الوحدات التابعة لإقليم الحرس الوطني بمدنين بحر الأسبوع الفارط من الكشف عن مخزن أسلحة في منطقة وادي الربايع بالشهابنية من معتمديّة بن قردان، حيث تسنى في مرحلة أولى إيقاف سيّارتين تحتويان على أسلحة وكمية من الذخيرة.
وبمزيد التحرّي أمكن الكشف عن مخزن يحتوي على 30 قطعة «آر بي جي» و30 حشوة قاذفة «آر بي جي» و24 رُمّانة بنادق و30 لُغما مضادّا للمُدرّعات و03 قطع سلاح نوع «فـال» و20 رُمّانة يدويّة و20 صاعق رُمّانة يدويّة و06 أمتار فتيل صاعق و24 ألف خرطوشة خاصّة بسلاح «كلاشنيكوف» عيار 7.62 مم و16 ألف خرطوشة خاصّة بسلاح «فـال» وأربعة هواتف جوّالة.
كما تمكنت صباح يوم 06 مارس 2015 وحدات من الحرس والجيش الوطنيين من حجز 26 ألف خرطوشة أخرى..
ويذكر أن الارهابيين اللذين كانا يحرسان المخزن ينتميان لجماعة الارهابي لقمان أبو صخر، الذي كان يحاول جمع أكبر عدد من الاسلحة للانطلاق في هجومه البري على أبناء مؤسستي الجيش والأمن.
وقد خططت كتيبة عقبة ابن نافع، للقيام بهجوم «عنيف» ينطلق من جبل الشعانبي نحو مراكز أمنية ومؤسسات تابعة لوزارتي الدفاع والداخلية في ولاية القصرين.
وبعد حوالي يومين من هذه الحادثة، تمكنت قوات الحرس الوطني ببئر الحفي من ولاية سيدي بوزيد من العثور على كمية من الرصاص بإحدى معاصر الزيتون المهجورة بمنطقة أولاد سليمان والمتكونة من عدد 21 رصاصة مسدس و21 رصاصة سلاح كلاشينكوف ورصاصتين لبندقية صيد وعدد من عبوات الغاز المسيل للدموع داخل حقيبة كتبت عليها عبارة «الموقعون بالدم الأحمر»...
انتشار السلاح بجميع أنواعه في تونس، ما المراد منه؟، كيف تمّ ادخاله؟ ما هي الخطط المستقبلية للارهابيين؟ هذه الأسئلة وغيرها حاولنا البحث عن اجابات عنها من خلال بعض الشهادات..
وليد زروق: نعاني من تحالف التهريب والارهاب
في البداية أفادنا النقابي الأمني وليد زروق أن اكتشاف مخازن الأسلحة في الجنوب التونسي على علاقة وطيدة بعمليات التهريب، مبينا أن الصور التي تم نشرها تظهر وجود خزانات البنزين، مشيرا الى أن عمليات ادخال السلاح الى تونس متورط فيها أباطرة التهريب الذين كانوا يعملون تحت منظومة فساد منظم واليوم تحولت المنظومة الى منظومة فوضوية يرتع فيها كلّ من هبّ ودبّ، مشيرا الى أنه من السهل جدا استقطاب المهربين الى عالم الارهاب وادخال السلاح .
من جهة أخرى أفادنا وليد زروق أن المنطقة التي وجد فيها مخزن السلاح هي منطقة عسكرية مغلقة بقرار من القائد السابق للقوات المسلحة المنصف المرزوقي، كما كشف أن تاريخ دخول كل تلك الأسلحة حسب تقارير الأبحاث كان سنة 2012 وهو ما يدعو اليوم الى ضرورة مساءلة المنصف المرزوقي وبعض القيادات الأمنية والعسكرية حسب كلامه، وذكر زروق أن هذه الحادثة تؤكد أن الارهابيين اخترقوا جهاز الدولة في فترة معينة ومازالوا موجودين به .
واستغرب وليد زروق من توقيت الكشف عن مخازن الأسلحة حيث أكد أنه كلما تمت المطالبة بمحاسبة قيادات أمنية مورطة مع الارهابيين في ادخال الأسلحة الا يتم الاعلان عن بطولات وهمية بهدف حماية المورطين .
وختم محدثنا بالتأكيد على أن كل ما تعيشه البلاد اليوم يندرج ضم مخطط سياسي واضح تقوده قيادات عليا في الدولة خدمة لأجندات أجنبية ...
ناصر بن سلطانة: الاسلحة معلومة المصدر...
من جهته بيّن الرئيس السابق للمركز التونسي للأمن الشامل ناصر بن سلطانة، أن الأسلحة الموجودة في تونس معلومة المصدر حيث يتم تهريبها من ليبيا من قبل عصابات التهريب المرتبطة بالجريمة المنظمة أو المرتبطة بالجماعات الارهابية، ليقع تمريرها الى العناصر الارهابية التي تتولى بدورها عملية التخزين لنقلها الى مجموعات أخرى بهدف استعمالها، وأشار محدثنا الى أن اكتشاف مخازن الأسلحة ليس بالأمر الجديد، حيث تم في وقت سابق اكتشاف مخازن في مناطق قريبة من وسط العاصمة، معللا أن هذا التدفق للأسلحة مرتبط بما يحدث من انفلاتات داخل البلاد، والتي سهلت عمليات الحصول على السلاح خاصة وأن الحدود من الجانب الليبي غير محروسة .
وذكر بن سلطانة أن الاشكال يكمن في أن المسالك الحدودية من الجانب الليبي تسيطر عليها جماعات متطرفة دينيا وارهابيون .. مبينا أن هذه العوامل اضافة الى تطور شبكات التهريب ساهمت في تدفق السلاح الى تونس، كما أشار الى أن السلاح دخل تدريجيا إلى تونس وعلى مدى 3 سنوات، وتكاثر بتطور الارهاب حيث أصبح نشاط الارهابيين علنيا بعد أن كان ذا طابع سرّي .
وأوضح ناصر بن سلطانة أن تطور شبكات التهريب هو العامل الوحيد الذي بامكانه المساعدة على دخول السلاح الى تونس، وختم بأن الحلول تكمن في بعث منظومة متكاملة لمراقبة الحدود من خلال وسائل أرضية جوية وبحرية .
مختار بن نصر: دخول الأسلحة ليس حديث العهد..وهذه نوايا الارهابيين
من جهته أكد العميد السابق في الجيش الوطني ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل مختار بن نصر أن كمية الأسلحة التي تم عثور عليها مؤخرا يعود تاريخ دخولها الى تونس الى مدة قديمة وتحديدا فترة الانفلاتات الأمنية .
وأشار محدثنا الى أن هذه الكميات تبين مما لا يدعو للشك أن المجموعات الارهابية تهيئ للأسوأ، وهي دليل قوي على نيتها الدخول في معارك وحروب، موضحا أن أسلحة من نوع الصواريخ وقذائف الأر بي جي لا يمكن أن تكون موجهة للسوق المحلية بل لأعمال حربية ارهابية.
وذكر بن نصر أن اليقظة مطلوبة في الوقت الراهن سواء من قبل الوحدات الأمنية أو العسكرية والمواطنين كذلك .
وأفادنا محدثا أن عصابات التهريب على علاقة وطيدة بادخال السلاح، وعلى الوحدات الأمنية تتبع آثار العناصر الارهابية ووضع يديها على بقية المخازن ..
بدرة قعلول: ما خفي كان أعظم
من جهتها أكدت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والأمنية والعسكرية وأستاذة علم الاجتماع بدرة قعلول في تصريح اعلامي أن كميات السلاح الموجودة في تونس أكبر بكثير مما تم اكتشافه بمدنين، موضحة أن السلاح منتشر في أماكن مختلفة.
وبينت بدرة قعلول في تصريحها أن هناك أصحاب رؤوس أموال ينشطون في تجارة الأسلحة بتونس، وكشفت أن المعطيات التي لدى المركز تشير الى وجود تونسيين وليبيين يتعاملون مع مافيا عالمية للسلاح من عدة دول..
وأكدت أن السلاح سبق الإرهابيين واستوطن بعديد المدن ثم جاءت المجموعات الإرهابية بأمر معيّن،وقالت انه من المنتظر أن تواصل «الداخلية» عملها في كشف بقية المخازن وأنها ستتوصل الى اكتشاف كميات أكبر مما تم اكتشافه حاليا من اسلحة متطورة .
وكشفت أن أغلب هذه الأسلحة قادمة من ليبيا ومن الناتو حيث كشفت التقديرات أن أكثر من 45 مليون قطعة سلاح متطورة وقع تهريبها من ليبيا .
واعتبرت بدرة قعلول ان وجود هذا السلاح يؤكد ان فجر ليبيا دخلت بقوة وقامت بتخزين الاسلحة في الجنوب التونسي، مبينة ان السلاح دخل تدريجيا إلى تونس وعلى مدى 3 سنوات.
وأضافت ان داعش ومجموعة عقبة الإرهابية أعدتا العدة لمهاجمة تونس ملاحظة أنه لولا العمليات الاستباقية للعناصر الأمنية في كشف مثل هذه المخزونات لوصلت الأسلحة إلى الإرهابيين وقالت ان فرق الحرس وفرقة الإرهاب تقوم بمجهودات كبرى في هذا الصدد..
إعداد: سناء الماجري